نحن ندعم هذا المتصفح

صاحب المدونة

صاحب المدونة
أبو زياد

ابحث عما تريد

Loading

نصيحتي دائما

ما تقطع الواد حتى تبان حجارو.. وما تمشي في الليل حتى يطلع نهارو.. وما تصحب صديق حتى تعرف خبارو..

التوقيت بالدار البيضاء

من هنا يأتي الزوار

free counters

الزمن البعيد ..

“الحاج الضاوي” صاحب الثمانية عقود ، الرجل الذي عاش حياته يكافح من أجل لقمة العيش وهو ينتقل بين أزقة درب السلطان العتيقة بالدار البيضاء، والمضيق وسبتة المحتلة يحكي عن ذكريات الزمن الجميل ويفتح قلبه لشباب الحاضر وعيناه تفرح تارة وتدمع  أخرى مصحوبة بابتسامة أمل لم تفارقه ونحن نتهامس مع قهوة الصباح لنربط الماضي بالحاضر ونراقص  لمحات من نوستالجيا رحلت..
بدأ الحديث بعد أن انتبهت إلى دمعة انحدرت من عينيه ونحن نستمع لأنغام عود نعمان لحلو وكلمات: ” واش عقلتي على ديك الدار دالمدينة القديمة  والدنيا وشحال كان عليها دالقيمة والحومة والجيران والنخوة دناس زمان كانت الحياة بسيطة وكانت الفرحة ديما…  حينها علمت أن ” الحاج الضاوي” يحن إلى الماضي ويعانق الذكريات فنطق لسانه قبل لساني وقال: كنت أسكن بأحد أحياء درب السلطان، وكانت المنازل مشتركة، وكان إذا أتى الرجل إلى المنزل لا يدخل حتى يطرق الباب ويسمع كلمة ”شكون”  ثم يقول” واش ندوز” لأن النساء يجتمعن بالداخل وهم يقمن بالأشغال المنزلية، فإذا سمع الرجل الجواب ب” دوز”  هنا يمكن له الدخول: ” كانت الحشمة يا ولدي أما دابا الله يدير شي تاويل ديال الخير….”
يتابع ” الحاج الضاوي” الحديث وهو يشرب قهوته: كنت إذا أردت شرب فنجان القهوة أتوجه إلى مقهى ” الرجا” ما كوناش نسخاو بالجلسة تماك والله يرحم  اللي غنى يا الغادي في الطوموبيل يا الغادي لجنان السبيل”.. كان الثري فينا هو الذي يمتطي سيارة ذاك الزمن  اللي هي” البغلة المسرجة ” أولدي  أما بخصوص المنزل فقد كنت أدفع فقط مبلغ 2000 ريال في الشهر ثمن الكراء.. أما حين كنت بتطوان، كنت أدخل”  سبتة ” أشتري البيض وأبيعه بتطوان بالجملة ” تادير 9 ديال الصباح تاتلقاني صورت 4000ريال”. كنا نشتري اللحم بثمن 40 ريال ” أما ماطيشة اللي تدير 300 دابا كنا نشريها ب 2 دريال “، الحافلة سواءا بالبيضاء أو بتطوان كنا نركبها ب 6 ريال  ” كان ما تلقاش الشفار ولا القمار  أولدي ” ناهيك عن حياء النساء :” كان عيب ماديرش المرأة الزيف ديالها  ”أما الشاب إذا أراد أن يتكلم مع فتاة يتكلم بأدب ولطف واحترام، إذا قبلت يتوجه إلي بيتها ولا يكلمها مرة أخرى حتى يكلم ولي أمرها ” أما دابا الله يبقي الستر يهدرها بالسيف.”  كانت تمر الشهور دون أن أسمع كلمة خايبة، أما دابا وأنت جالس في منزلك رفقة أسرتك والكلمات النابية الآتية من الشارع لا تفارقك : “الحشمة داها الواد اولدي”. هاته قصتنا يا ولدي، حكاية الآباء والأجداد ناضلنا وضحينا ضد الاستعمار ”باش تعيشو هانيين في أمن وأمان ماتخونوش تاريخكم أولدي هذا بلدكم ووطنكم تهلاو فيه”.
بهاته الكلمات أنهى “الحاج الضاوي” كلامه،  وابتسامة الأمل في عينيه لم تفارقه، تجمدت في مكاني  وسارعت ألتحس فنجان قهوتي لأجمع أنفاسي وأستحيي من نفسي أمام هذا العملاق، قبلت رأسه وأخرجت مذكرتي لأدون ما قال قبل أن أقدمه لكم:  من ذكريات الزمن البعيد ..
abuiyad

0 التعليقات:

إرسال تعليق